ولله / له الأسماء الحسنى أم أسماء الله الحسنى
قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُوا۟ ٱلَّذِینَ یُلۡحِدُونَ فِیۤ أَسۡمَـٰۤىِٕهِۦۚ سَیُجۡزَوۡنَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف ١٨٠]
وقال تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُوا۟ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُوا۟ ٱلرَّحۡمَـٰنَۖ أَیࣰّا مَّا تَدۡعُوا۟ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَیۡنَ ذَ ٰلِكَ سَبِیلࣰا﴾ [الإسراء ١١٠]
وقال تعالى: ﴿ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ﴾ [طه ٨]
وقال تعالى: ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَـٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ یُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ [الحشر ٢٤]
ذكر الله سبحانه وتعالى كلمتي الأسماء الحسنى مجتمعه مع بعضها في 4 مواضع في القرآن الكريم، ولم ترد في غيرها مجتمعة أو منفصلة بكلمة أو جملة.
ومما يلفت الانتباه أن الله سبحانه وتعالى قال أن الاسماء الحسنى لله، وقال وله الأسماء الحسنى، وذلك في الأربع المواضع، ولم يرد " أسماء الله الحسنى" في أي موضع ولم يرد عن حبيبنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه هذه الجملة في أي حديث.
فيكون التساؤل هو لماذا الاسماء الحسنى لله وليست اسماء الله الحسنى، ولماذا هذه الدقة في اختيار الألفاظ المحدده في كل مواضع ورودها.
يكون الجواب الخاص بالمحسنين هو أنه مادام الله سبحانه وتعالى قال أن له الأسماء الحسنى، فإذن سمعاً وطاعة دون نقاش، ونتحرى أن لا نقول إلا ما قال الله سبحانه وتعالى ولا نتجاوزه. فلو شاء الله سبحانه وتعالى لقال أسماء الله الحسنى، كما ورد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة أنه قال ذكر الله، هدى الله، عهد الله.... وهكذا.
واما الإجابة لمن يريد الفهم أكثر، ويريد الحجه، فإن قول الله سبحانه وتعالى فله الأسماء الحسنى ولله الأسماء الحسنى دقيق جداً وسنوضح ذلك بدليل دامغ من القرآن الكريم.
كلمة الأسماء كلمة تحوي على الصفات الذاتية، فقد تكون الأسماء وصفاً لذات، وهذا ما أراد الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا إياه. فالخوض في ذات الله وشكله وماهيته، وإسقاط ما عليه الإنسان أو أي مخلوق على الله سبحانه وتعالى لا يجوز بأي حال من الأحوال. وقد وضح الله سبحانه وتعالى ذلك بأن قال له/ وفله/ ولله/ الأسماء الحسنى، ووضح ذلك بإن قال "تعالى الله عما يصفون"، فأي صفة التي في أصلها هي اسم، لا يجوز إطلاقها على الله سبحانه وتعالى، فتوحي بشكل من الأشكال أو تشير إلى ذاته سبحانه وتعالى. فنخطئ حين نظن أن الأسماء الحسنى تشرح لنا ذات الله سبحانه وتعالى. كما أن الأسماء كلها التي علمنا إياها الله سبحانه وتعال، وهي موسوعتنا اللغوية التي نتعامل بها في الأرض ونتواصل بها فيما بيننا وبين الله سبحانه وتعالى، لا يمكن أن تصف أو تسمي ذات الله سبحانه وتعالى. وأن كل الكلمات ما هي إلا ما يناسب وضعنا على الأرض وحياتنا المادية، وما ينسب لله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يستوعبه اسم ولا عقل.
لأن الأسماء الحسنى هي له وهي ملكيته، وبحوزته ومعه وما عنده. هذا ما نفهمه من كلمة له. أي أنه سبحانه وتعالى وذاته العليه تعالى الله عن كل وصف وشرك، لا يمكن تسميته أو وصفه أو معرفة ذاته بهذه الأسماء، وإنما نفهم ما له وما عنده وما معه وما يملكه وما هي قدرته وقوته وسلطته. وذلك بالنسبة لنا كمخلوقات، ولا يمكن فهمها من جهتنا وماديتنا البحته وقصر معرفتنا إلا من خلال الألفاظ التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وتحري دقتها.
كما أن الأسماء الحسنى قد تطلق على مخلوقات خلقها الله سبحانه وتعالى، إلا أن كمال الإطلاق لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى. ولكن إمكانية أن يحوز أحد من خلق الله سبحانه وتعالى على اسم من الأسماء الحسنى وارده وجائزة. وما يهم في حيازة الاسم الأحسن، أي أن يكون الأسم له، أي لمخلوق ولو بنسبة معينة، قد يفتنه ويفتن الناس به، فتكون له قوة أو ملك أو سلطه أو جبروت. قد يوقع الناس في الشرك، وهذا ما حذر منه الله سبحانه وتعالى في كتابه وكلامه عن الأسماء الحسنى في النموذج الأقوى للأسماء الحسنى في سورة الحشر.
فقال سبحانه وتعالى:
﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَیۡمِنُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ﴾ [الحشر ٢٣]
بعد سرد اسماء الألوهيه والسلطه والملك والقداسة والسلم والهيمنه والعزة والجبروت التي قد يحوزها ملوك أو سلاطين أو أصحاب رؤوس الأموال والنفوذ، فيكون انتباهنا أن لانفتن ولا ننسب الأسماء الحسنى المطلقه الا لله سبحانه وتعالى، وأنه مهما امتلك من أمتلك ومهما كان معهم وعندهم ما هو في حقيقته الا من الله سبحانه وتعالى، لأنها له.
الاسم الذي عبر عن الله سبحانه وتعالى وذاته أتي بالنفي، أي أن النفي عن ما نعرفه ونفهمه ونعلمه هو الذي يعبر عن ذات الله سبحانه وتعالى، فكانت جملة لا إله إلا الله تعني أي أن ما تأله له وتتجه له هو الله سبحانه وتعالى،وبأن الكلمة التي علمنا الله سبحانه وتعالى وشدد بإن نذكره بها هي أكثر اسم ورد في كتابه المجيد وهي الله، فلا إله إلا الله تنفي التأله (الإنشغال) والتوجه لغيره. وأن لا إله إلا هو، وكلمة هو تشير إلى الغيب المطلق الذي لن تفهمه إلا بإيمانك به دون تصور.
فيكون بذلك الأحسن هو إن نبتعد عن تسمية الله سبحانه وتعالى، ونفهم أن الأسماء الحسنى هي له، وليست أسماء الله الحسنى.