﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾
[البقرة ٣١]
ما علاقة الأسماء كلها بالأسماء الحسنى؟ وهل الأسماء كلها تحتوي على الأسماء الحسنى؟
كما يظهر من السؤالين أن الإجابة عليهما بديهية، وإيجاد الرابط فيما بينها ايضاً بديهي. فالأسماء كلها تحتوي على الأسماء الحسنى، والأسماء الحسنى هي أحسن الأسماء كلها.
علم الله سبحانه وتعالى ءادم عليه السلام، بعد تمام خلقه، الأسماء كلها، وهو علم إلهي سماوي مباشر من الله سبحانه وتعالى. وبما أنه علمه الأسماء، إذن هو علم. وعلى ذلك فهذا العلم لا يؤتى إلا بالتعلم.
وبعد ما تعلم ءادم الأسماء كلها سأله الله سبحانه وتعالى أن يطبق ما تعلمه. وهذا ما ينبهنا لعدة أمور منها أهمية تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة، التي لا تتعامل الملائكة بها ولكنه حصري لبني ءادم. ومن ذلك نفهم كيف أن نسمي الله سبحانه وتعالى بأسمائه التي أوردها في القرآن الكريم واعطاها لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكما لاحظنا أن كل نبي من الأنبياء اُختُصَ بأسماء لله سبحانه وتعالى في دعوته لقومه، متناسبة مع ما يدعو به وبحسب النذير الذي يحذر منه قومه، وكلها تقوم على دعوة الناس إلى الإله الواحد الرب الرحمن القهار العزيز الحكيم العليم، التي كلها أسماء لأحد وهو الله سبحانه وتعالى.
إن الاسماء الحسنى كعلم علمه الله لسيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، لذلك فالأجدر أن نقول علم الأسماء الحسنى، ويكون أول ابواب هذا العلم هو احصاؤه، ثم فقه هذا العلم، ثم تطبيقات هذا العلم، وهكذا حتى يتوالد المزيد والمزيد من هذا العلم الواسع المجال الذي لم يأخذ حقه في الدراسة. وبما لا يتعارض مع أصول الدين، فقد استغل هذا العلم في السحر والطلسمه والطاقة الوهمية التي يتعاون بها عوالم الإنس والجن واستخدامه كسلطة وأذونات لفتح بوابات غيبية.
قد تعني علم بمعنى عرف، وترك أثر، وقد يتعلق العلم بالصفات والمعرفة بالذوات، لذلك العلم بصفة الشيء وحكمة بالكليات والمعرفة بالجزئيات وبالذات. لذلك فعلم الأسماء الحسنى الذي نحاول عن طريقة أن نتعلم ونفهم عن صفات الله وقدراته وسلطته المطلقة، وتوسيع مفاهيمنا فيها، واوجه تطبيقنا لها والعمل بها، وبعد تجنبنا لمعرفة ذات الله سبحانه وتعالى، نتعلم الجزئيات الخاصة بالأسماء الحسنى التي نقصد بها ما يدور حول الأسماء الحسنى من كلمات ومواقف ذكرت فيها الأسماء الحسنى من الأسماء كلها التي وردت في القرآن الكريم، والتي تعلمنا كيف يمكن أن نطبق هذا الاسم ونتعمق في فهمه، ويزيد إيماننا بالله سبحانه وتعالى، ويقيننا به يقيناً كاملاً.
العلم في تعريف شائع له: هو أسلوب منهجي لبناء وتنظيم المعرفة في صورة تفسيرات وتوقعات قابلة للاختبار، وفي تعريف المنهج: هو خطوات وطريقة منظمة للوصول إلى نتائج. وهذا مانقوم به في هذا الموقع عبر احصاء البيانات هذا العلم بطريقة منهجية بحثية، ثم تحليل هذه البيانات والاستفادة منها في ترسيخ المعرفة بالله سبحانه وتعالى والدعاء له والذكر الدائم بها.
الإنسان في حياته كلها يمر بثلاث مراحل أول مرحلة هي العلم، وهناك مرحلتان أُخر، وهذا ينطبق على كل علم أصلي، وهو كالتالي:
علم الاسماء الحسنى
العلم يختص بالتفسيرات والتوقعات والفرضيات ومحاولة الاكتشاف والحيازة للأشياء، لذلك لا تتجاوز معرفتنا بالأسماء الحسنى العلم بها، واختبار فرضيات وتوقعات الدعاء بها ولا أكثر من ذلك. لغيبته الكاملة إلا ما اظهره الله من مظاهر وآثار تدل عليه.
حق الأسماء الحسنى
يكون حق الأسماء الحسنى في يوم القيامة، يوم القيامة حيث تتطابق الأحداث مع الأسماء، وكل حق يعود إلى صاحبه، لم يعد هناك مجال للفرضيات والتفسيرات والتوقعات، فكل حق عاد إلى حقه، وكل مخلوق يأخذ حقه من الاسماء الحسنى، وتظهر الأسماء الحسنى جليه كما أخبر بها الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم الحق الذي لا يظلم فيه أحد. كل زيف سيختفي وستظهر الحقائق كلها. وأهمها سقوط الآلهة، ويبقى الله الأحد سبحانه وتعالى.
عين اليقين
ويكون ذلك في الآخرة، حيث اصبحت الأسماء الحسنى عيناً تراها رأي العين، ويخص الله سبحانه وتعالى بها المؤمنون برؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة. وما كان غيباً اصبح عيناً.
إن علم الأسماء الحسنى هو علم منهجي لمعرفة الله سبحانه وتعالى والوصول إلى أفضل معرفة عنه توصلنا إلى الجنة، والجنة هي أفضل النتائج الممكن الوصول إليها على الإطلاق، لذا فالله سبحانه وتعالى عبر علم الأسماء الحسنى علمنا لنعلم ما لا نعلم، ويبدي لنا ما هو مكتوم عنا.
كل العلوم مختصة بما يحدث لنا على هذه الأرض في الحياة الدنيا، فهي علوم أرضية بحته، تنتهي بانتهاء الأرض ولن يبقى سوى ما كان لله سبحانه وتعالى، ويرفع منه نسخ ليتم المحاسبة عليه. فلو قمنا بالمقارنة بين العلوم الدينية وعلم الأسماء الحسنى، فإن العلوم الدينية تقوم على تنظيم علاقة الناس فيما بينها وبما حولها، وأن المصدر الديني هو مرجع الدولة في وضع التشريعات والقوانين، نقصد بذلك أننا نتحدث في الحياة الدنيا باسم الله سبحانه وتعالى، بحيث أنه بحسب ما قال الله سبحانه وتعالى عبر رسله هو ما نتبعه وننظم به حياتنا، ونعترف أن كل شيء أتي من الله وأننا إليه راجعون، تنتهي تسمية الدين في يوم القيامة التي تسمى يوم الدين أيضاً، ويقصد به اليوم الذي فيه التصفيات وتأخذ مالك وتعطي ما عليك من ديون فتكون إما دائن أو مدين، لذلك تنتهي هذه التسمية يوم القيامة. إلا علم الأسماء الحسنى فسيتحول إلى حق الأسماء الحسنى وينكشف كل شيء ويعود كل شيء إلى الحق، وبعده في الآخرة تكون الأسماء الحسنى عين، ويتحول العلم إلى واقع عيني نحياه، لأنها متعلقة بالله سبحانه وتعالى فهي باقية لا زوال لها، إن كانت الأسماء الحسنى الآن عبارة عن علم وأغلب هذا العلم غيب وغير مكتمل بالنسبة لنا، ففي الآخرة غيب الغيب الذي هو الله سبحانه وتعالى سنراه رأي عين أن كنا من المؤمنين، وما نتعلمه الآن عن الله سبحانه وتعالى عبر علم الأسماء الحسنى سيصبح عيناً في الآخرة.
علم الاسماء الحسنى يكون أولا بالتسليم، ثم يتحول إلى إيمان ومن ثم يتحول إلى احسان، وهي طريقة الترقي عبر الأسماء الحسنى. وله منهجه الخاص به في التنقل بين هذه المراتب.
علم الأسماء الحسنى يرفعنا إلى مراتب الإحسان، مصاف الملائكة، وكما نعلم أن الجنة مراتب ودرجات، فبالعد والعلم ضمنت الدخول إلى الجنة، إذن الارتفاع والعلو والرقي في الجنة يحتاج إلى ما هو أكثر من والعلم، والأسماء الحسنى بالعلوم التي تمكنا من الوصول إلى هذه المراتب، علم الأسماء الحسنى غني بالعلوم التي تمكنا من الوصول إلى هذه المراتب، وترتفع الدرجات إلى أقصاها، ويسمو بالإنسان إلى أعلى المراتب، ونفسه يرفعها إلى الاطمئنان،
علم الأسماء الحسنى علم التغيير، يغير حياة الإنسان بالكامل ويغير نظرته وفهمه وعقله وقلبه، إلى الأحسن، كلمة الأحسن هي كلمة شديدة الحساسية متحركة غير ثابته، تحركها علوي بحت، دفع إلى الأعلى دائماً. وهذا هو القصد من حياة الإنسان أن لا يثبت مكانه، فنحن في تغير دائم، فلو أردنا أن نضمن أن التغير هذا هو للأعلى دائماً، فعلينا اعتماد علم الأسماء الحسنى في كل أمور حياتنا.
ليس هناك أعلى أو أفضل أو أحسن من أن نكون مع الله سبحانه وتعالى.
عبر علم الأسماء الحسنى وعبر فهمنا لله سبحانه وتعالى واسماؤه، نفهم ما عند الله سبحانه وتعالى، وما لديه من أمور تفوق تصورنا، هذه الأسماء ترفع إدراكنا وترفع قدراتنا لأعلى ما يكون. سنعرف ما أعطانا الله من امكانيات ومن هو إلهنا الذي لديه كل شيء، فهذه العلم الجليل يرفع الهمة ويرفع سقف الإمكانيات والاحتمالات لأعلى حد. ترفع من مستويات البهجة الدائمة والسرور في النفس والقلب، القدرات عالية جداً وغير محدودة، تعلمك أنت مع من تتعامل، فأنت تتعامل مع صاحب كل هذه الأسماء، وأسمائه طريق عبورك إلى الله سبحانه وتعالى ورضاه وجنته.
أن علم الأسماء الحسنى هو علم يختص بالتواصل مع الله سبحانه وتعالى مباشرةً، والدعاء له والكلام معه، سراً وعلانية، جهراً أو مخافتة.
وهذا العلم المختص بالتواصل مع الله سبحانه وتعالى يمكننا من التقرب منه والدعاء له في كل أمور حياتنا. إن حياتنا من غير أن يكون الله معنا في كل خطوة نخطوها وكل خيار نختاره، ستكون مليئة بالأقدار المعتمدة على ما ورثناه من ءابائنا، وما كسبته ايدينا في سنوات حياتنا سنة بعد سنة، وما يصيبنا من اخطاء غيرنا التي تؤثر على حياتنا بغير دراية منا. وتسلط العالم الآخر الخفي عنا من جن وشياطين وأرواح لسبب من الأسباب. معنى أن يتركنا الله لهذه الأقدار الحتمية ومحاولة أن نتصدى لها لوحدنا دون مساندة إلهيه، هو محض جنون، فقدراتنا محدودة وعلمنا قليل والإمكانيات بحسب الحظوظ المقسومة مسبقاً ومدى استنفاذنا لها. ولكن التحدث مع الله سبحانه وتعالى عبر الدعاء والذكر له يعطينا قوة أعلى وامكانيات أوسع. وكل ذلك يتأتي بالتعلم الصحيح للدعاء والذكر الدائم لله سبحانه وتعالى عبر الأسماء الحسنى، التي هي من ابجديات الخلق التي علمها الله لآدم عليه السلام، وانتقلت الينا وحفظت في كتابه العزيز، وعبر نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.